مدير الموقععدد المساهمات : 2043تاريخ التسجيل : 22/01/2012العمر : 54
موضوع: فوائد زيت الزيتون الصِّحية الجمعة أبريل 06, 2012 12:07 am
فوائد زيت الزيتون الصِّحية
د. محمد أبو شهدة أكّدت دراسة دانماركية قام بها فريق من الأطباء والباحثين بمستشفى كوبنهاكن، ونشرتها مجلة الجمعية الأمريكية للبيولوجيا التجريبية ( American Societies for Experimental Biology )، دور زيت الزيتون في الحماية من العديد من الأمراض الخطيرة، ومن أهمّها السرطانات، وقد تناولت الدراسة 180 شخص من 5 دول أوروبية مختلفة (من شمال وجنوب أوروبا)، وذلك قصد دراسة مفعول الاستعمال اليومي لمقدار 25 "ميليلتر" من زيت الزيتون ضمن النظام الغذائي، وأثره على الصحة، وذلك بتتبع تأثيره على نسبة مادة 8oxodG المتواجدة في الدم، والتي لها علاقة مباشرة بنسبة الخلايا المؤكسدة والمدمرة في الجسم، بحيث ترتفع نسبتها كلما كان عدد الخلايا المؤكسدة أكثر، مما يشير إلى احتمال تعرض الجسم للسرطانات والطفرات التي تسبب الأورام الغير حميدة.
وقد بيّنت نتائج هذه الدراسة العلمية أن الفئة التي كانت تتناول هذا المقدار من زيت الزيتون يوميا، كانت نسبة هذه المادة منخفضة عندهم بشكل ملحوظ. وكان الهدف من إجرائها، هو تفسير الفرق في نسب السرطانات بين مناطق جنوب أوروبا التي يتواجد بها زيت الزيتون بشكل وافر، ويدخل ضمن العادات الغذائية لسكانها، مع انفخاض نسبة السرطانات، مقارنة مع دول شمال أوروبا التي تفتقر إلى هذه المادة الغنية والمضادة للأكسدة، وتعاني من ارتفاع عدد حالات السرطان.
ويعزى هذا المفعول إلى احتواء زيت الزيتون على ما يسمى بمتعددات الفينولات (Polyphénols)، خصوصا منهاhydroxytyrosol) و (Tyrosol) ، التي تقي من تغيرات الـ ADN، وأكسدة الكوليسترول، وتدمير الخلايا.
وعموما، هناك مسألة مشهورة في مجال الطب وعلم التغذية، وهي ما يسمى بـ: "النظام الغذائي المتوسطي" ( = Régime méditerranéen )، وهو النظام الذي يغلب على الدول التي تطل على البحر الأبيض المتوسط، ويرجع إلى طبيعة مناخها وتضاريسها التي تمنح لها ثروات غذائية مهمة ومتميزة جدا، ومن بينها أشجار الزيتون، وكذا الخضروات، والفواكه، والترواث السمكية وغيرها، مما يجعلها تعتمد عليها بدرجة كبيرة في وجباتها اليومية.
و يعتبر هذا النظام الذي يتميز بغلبة نسبة الأغذية النباتية، واستعمال الخبز كمادة أساسية، وكذا قلة تناول اللحوم الحمراء نسبيا، يعتبر من أفضل الأنظمة على الصعيد العالمي، ويلعب دورا كبير في الوقاية من أمراض القلب والشرايين وكذا السرطانات وغيرها من أمراض العصر المتفشية في السنوات الأخيرة، بسبب تغير العادات الغذائية للشعوب، مواكبة لما شهده التطور التكنولوجي في مجال الصناعة الغذائية على وجه الخصوص، إضافةً إلى التغيرات الإجتماعية والسلوكية التي تؤثر على مجال التغذية بشكل بالغ.
وهذا كله، يبين أن تناول زيت الزيتون بشكل يومي، وإعطائه أولوية ضمن البرنامج الغذائي، يعتبر عاملا مهما للوقاية من تدمير الخلايا الناتج عن تناول مواد مؤكسدة ومسرطنة (كالملونات الغذائية، ومواد التحفيظ، والمنكهات الصناعية، وغيرها)، وبالتالي خفض نسبة تعرضها للإصابة بالسرطانات.
نتطرق الآن إلى مسألة مهمة جدا تتعلق بفوائد أخرى لزيت الزيتون، وهي مما أشرته إليه أعلاه، من كونها تدخل من بين المواد الأساسية التي تحمي من أمراض القلب والشرايين، ويرجع ذلك لاحتوائها على ذهون تسمى: "ذهون أحادية غير مشبعة" (= Graisses mono-insaturées).
هذه الذهون، ليس لها تأثير كبير على مادة الكوليسترول (كما هو حال متعددة الفينولات)، في حين أنها تحمي بشكل كبير من أضرار الذهون المشبعة الحيوانية المضرة التي نتناولها في اللحوم الحمراء بالخصوص، علما أنه من الملاحظ حصول تغيُّر كبير في العادات الغذائية في الدول المتوسطية، وتخلي الناس عن "النظام الغذائي المتوسطي" المذكور، بسبب تحسن الظروف المعيشية، والتطور الملحوظ في مجال البيع والتسويق للمنتجات المعلبة، والوجبات الجاهزة، مع اعتماد اللحوم الحمراء كعامل أساسي في مختلف الوجبات، وهذا أمر في غاية الخطورة، وهو مشاهد حتى في بلدنا، مما يقتضي ضرورة تغيير العادات الغذائية، وتوعية المجتمع بمخاطرها.
وفي الختام، أشير إلى مسألة مهمة جدا، وهي أن زيوت الزيتون، ليست كلها متساوية في القيمة الصحية، وفي نسب مضادات الأكسدة والذهون التي أشرت إليها آنفا، بل تختلف باختلاف الجودة والأنواع، والفصول والمصدر والمناخ الذي نشأت فيه، فيجب الحرص على استعمال زيت زيتون ذات جودة عالية، والمداومة عليها بشكل يومي، بما لا يقلُّ عن ملعقة في كل يوم، مع إدماجها في مختلف الوجبات، والأطباق التي يمكن أن تتناسب معها في مجال الطبخ.
وللفائدة، أشير إلى أنه بإمكانكم استعمال زيت الزيتون في القلي، بشرط ألا تتجاوز درجة حرارتها 180 درجة، وهذا يعني ألا تصل إلى مستوى التبخر وإصدار الأدخنة الناتجة عن احتراقها، وكذلك يمكن استعمالها في وجبة الطاجين المعروف في بلدنا، على أن يستعمل الماء فقط في البداية، ولا تضاف الزيت إلا قبيل إزالة الطاجين من فوق النار.