قال محمد بن الحسين : وأما الذين قالوا : القرآن كلام الله عز وجل ، ووقفوا ، وقالوا : لا نقول غير مخلوق ، فهؤلاء عند كثير من العلماء ممن رد على من قال بخلق القرآن ، قالوا : هؤلاء الواقفة : مثل من قال : القرآن مخلوق وأشر ، لأنهم شكوا في دينهم ، ونعوذ بالله ممن يشك في كلام الله عز وجل : أنه غير مخلوق .
وأنا أذكر ما تأدى إلينا منه ممن أنكر على الواقفة من أهل العلم .
حدثنا أبو مخلد قال : حدثنا أبو داود السجستاني قال : سمعت أحمد بن حنبل سئل : هل لهم رخصة أن يقول الرجل : القرآن كلام الله تعالى ، ثم يسكت ؟ فقال : ولم يسكت ؟ ولولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت ، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا ، لأي شيء لايتكلمون ؟
قال محمد بن الحسين : معنى قول أحمد بن حنبل في هذا المعنى : يقول : لم يختلف أهل الإيمان أن القرآن كلام الله عز وجل . فلما جاء جهم فأحدث الكفر بقوله : إن القرآن مخلوق ، لم يسع العلماء إلا الرد عليه بأن القرآن كلام الله عز وجل ، غير مخلوق بلا شك ، ولا توقف فيه ، فمن لم يقل : غير مخلوق سمي واقفياً ، شاكاً في دينه .
وحدثنا أبو مخلد قال : حدثنا أبو داود قال : سمعت أحمد - وذكر رجلين كانا وقفا في القرآن ، ودعوا إليه ، فجعل يدعو عليهما - وقال لي : هؤلاء فتنة عظيمة ، وجعل يذكرهما بالمكروه .
قال أبو داود : رأيت أحمد سلم عليه رجل من أهل بغداد ، ممن وقف فيما بلغني فقال له : أغرب ، لا أراك تجيء إلى بابي في كلام غليظ ، ولم يرد عليه السلام ، وقال له : ما أحوجك أن يصنع بك كما صنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصبيغ ، ودخل بيته ورد الباب .
وحدثنا أبو مخلد قال : حدثنا أبو داود قال : سمعت إسحاق بن راهويه ، يقول : من قال : لا أقول : القرآن غير مخلوق فهو جهمي .
قال أبو داود : وسمعت قتيبة بن سعيد ، وقيل له الواقفة ، فقال : هؤلاء الواقفة شر منهم ، يعني ممن قال : القران مخلوق .
قال أبو داود : سمعت عثمان بن أبي شيبة قال : هؤلاء الذين يقولون : القرآن كلام الله عز وجل ويسكتون : شر من هؤلاء . يعني ممن قال : القرآن مخلوق .
قال أبو داود : وسألت أحمد بن صالح عمن قال : القرآن كلام الله عز وجل ، ولا يقول : غير مخلوق ، ولا مخلوق ، فقال : هذا شاك ، والشاك كافر .
وحدثنا أبو مخلد ، قال : حدثنا أبو داود قال : سمعت أحمد بن إبراهيم يقول : سمعت محمد بن مقاتل العباداني - وكان من خيار المسلمين - يقول في الواقفة : هم عندي شر من الجهمية .
حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال : حدثنا الفضل بن زياد قال : حدثنا أبو طالب قال : سألت أبا عبد الله عمن أمسك ، فقال : لا أقول : ليس هو مخلوقا ، إذا لقيني بالطريق ، وسلم علي ، أسلم عليه ؟ قال : لا تسلم عليه ، ولا تكلمه ، كيف تعرفه الناس إذا سلمت عليه ؟ وكيف يعرف هو أنك منكر عليه ؟ فإذا لم تسلم عليه عرف الذل ، وعرف إنك أنكرت عليه ، وعرفه الناس .
وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي بزة قال : سمعت المؤمل بن إسماعيل يقول : القرآن كلام الله عز وجل ، وليس بمخلوق .
وقال ابن أبي بزة ، قال : من قال : القرآن مخلوق ، أو وقف ، ومن قال : لفظي بالقرآن مخلوق ، أو شيئاً من هذا ، فهو على غير دين الله عز وجل ، ودين رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يتوب .
للامام الاجري