خالدطايع المدير العام
مدير الموقع عدد المساهمات : 2043 تاريخ التسجيل : 22/01/2012 العمر : 54
| موضوع: نتائج المخبر المصريِّ (صناعة الدُّستور) - كتبةُ إسلاميُّون وموادُ علمانيَّةٌ الإثنين ديسمبر 10, 2012 12:00 am | |
|
نتائج المخبر المصريِّ (صناعة الدُّستور) - كتبةُ إسلاميُّون وموادُ علمانيَّةٌ
الحمد لله وحده،و الصَّلاة و السَّلام على من لا نبيَّ بعده.
أمَّا بعد؛
عندما ننظر في الأحوال الاجتماعيَّة والسِّياسيَّة في مصر والأردن ــ مثلا ـــ نجد ازدواجية في الخطاب السِّياسيِّ الإسلاميِّ المتحزِّب، فمن جهة يَعد القابضون على مقاليد الحكم ( السِّياسيُّون )بالرَّفاهية و تحسُّن الحال كما في مصر.
ومن جهة أخرى يقول الوعَّاظ وأعضاء لجان كتابة الدُّستور منهم: على الشَّعب أن يطالب بتحكيم الشَّريعة بغضِّ النَّظر عن الفقر و المشاكل الَّتي يتخبَّط فيها.
ولئن كان خطاب الوعَّاظ صحيحا إلاَّ أنَّه يجب أن يعترفوا أنَّ عموم الشَّعب لم يصوِّت على الإسلاميِّين لهذا الغرض " تحكيم الشَّريعة " أو ليست من أولوياته وإن لم يعارضها غالبيته، بل لإصلاح معيشته وأحواله، فلا يجب أن نركِّب الصَّحيح على الفاسد لأنَّ من يزرع الصِّدق يجني الصِّدق، ومن يزرع المغالطات يجني الخداع.
أمَّا في الأردن فنجد أنَّ الإخوان ومن يوافقهم يستغلِّون السَّخط الشَّعبي على قضايا المعيشة كارتفاع أسعار المحروقات، و الَّذي لا يهمُّهم من قريب، ولا من بعيد، لتهييجهم وتوظيفهم، وعينهم على شيء آخر معروف.
وهذا الرُّكوب للمطالب الشَّعبيَّة لتحقيق أهداف أخرى قد تكون شرعيَّة هو مغالطة وخديعة لا ينبغي أن تصبغ عمل المسلم لأنَّها ستعود عليه بالضَّرر لاحقًا، لأنَّ النِّداء إلى الشَّريعة يجب أن يكون صادقا واضحًا ،لا لبس فيه، ولا غموض، مستنده الواجبات الشَّرعيَّة ونصوصُها ،وليس الحالة المعيشيَّة المتردية لانَّ ثورة الجياع لا تصلح لثورة الإيمان إن جاز التَّعبير.
فلم تكن دعوة النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأسباب نجاحها: ركوب الفقر و البؤس الاجتماعيِّ في جزيرة العرب، بل تخليص العباد من عبادة الأوثان، ومن جور الملوك و الأديان المزيَّفة الباطلة.
فلم يكن يعد النَّاس إلاَّ بالجنَّة، ويحذِّر الأجيال القادمة من المسلمين من مخاطر الازدهار و الغناء كما جاء في (صحيح البخاري) : (( فَوَاللَّهِ لاَ الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ))
فلا تخدعوا الشَّعب فيخدعكم ولو بعد حين،ولا تنظروا لسطوة اللَّحظة فإنَّ المشهد الآن يخفي وراءه مشاهد محزنة بدأت تبرز وتعلو إلى سطح سلوكيات الأحزاب (الإسلاميَّة) وحشودها الَّتي لا يمكن لها بأيِّ حال إلاَّ أن تنتج النموذج السُّودانيَّ لتطبيق الشَّريعة: تناحر دمويٌّ بين الإسلاميِّين، وانكماش الأقليَّات الدِّينيَّة و العرقية على نفسها، ومطالبتها بالاستقلال والانفصال.
ونهاية المطاف أن تعُيدوا إنتاج نفس أساليب الأنظمة السَّابقة في معالجة القضايا الاجتماعيَّة و السِّياسيَّة: فقر يزداد، ومجتمع متفكِّك متصارع،،واستبداد تحت عباءة ( إسلاميَّة ) في وقت تغيَّرت فيه الظُّروف، وعَرف الشَّعبُ و استحلى طريق المظاهرات و الفوضى على أيِّ شيء.
وإذا أخذنا السِّياسة الاقتصاديَّة و الخارجيَّة للمتحزِّبين الإسلاميِّين في مصر الآن فلا فرق بين النِّظام القديم و الجديد إلاَّ في الأسلوب، وليس في الخطِّ والاتِّجاه.
و الظَّاهر أنَّه لضرورة الحفاظ على الحكم الجديد وبسطه تراهن أمريكا على أنَّه لا بدَّ لهم من التَّودُّد إليها، ورعاية مصالحها، وخدمة سياساتها في المنطقة: " أمن إسرائيل ومنابع النَّفط " تماما كما كان يفعل النَّظام القديم، بل بكفاءة أعلى لأنَّ الامتداد الفكريِّ للنِّظام الجديد في غزَّة و غيرها سيجعل من المصلحة الأمريكيَّة مضمونة بشكل أفضل، فليس أفضل من الدِّين المحرَّف لتبرير المواقف.
فالاتِّجاه واحد، و الأسلوب مختلف هذه المرَّة، فمع سحب السَّفير،و الخطب العنترية الفارغة من كلِّ مضمون جادٍّ يبحث عن الحلِّ الأصليِّ و الجذريِّ و النِّهائيِّ للأزمة الفلسطينيَّة برمَّتها صار النِّظام الجديد يُسوِّق لنا ثقافة الهدنة و الرَّحلات السِّياحيَّة لرجال الدبلوماسيَّة إلى غزَّة ( ؟! )
كأنَّ البحث عن الهدنة الطَّويلة مع استمرار الاستيطان،و القتل،هو مكسب للفلسطينيِّين ( غزَّة فقط) ، وهذا عين ما تبحث عنه إسرائيل: " قتل المطالب، وتقليم المقاومة، وفصل غزَّة عن الضَّفَّة "،لتكون إمارة مستقلِّة عن بقية فلسطين.
وقد لا يفهم كثير من النَّاس (الأتباع لاحقا) أنَّ مجال مناورة الإخوان في هذا الباب ضيِّق للغاية،لأنَّ المتربص بهم كثير وقويٌّ،فلا يجب أن نقف طويلا عند سياستهم الخارجيَّة من أجل اللَّوم لكنَّ الشُّعوب لا تغفر هذه الأمور، ولا تفهمها، وستتحوَّل مصر من إيران الشَّاه إلى باكستان مشرَّف ( ؟! )
ومن العجيب أن يبالغ أهل غزَّة ( حماس ) في الاحتفال بنصر لا يوجد إلاَّ في أذهانهم ،فمدينتهم دُكَّت،وقُتل منهم المئات في مقابل خمسة نفر كأنَّ الدَّم الفلسطينيَّ أرخص في بورصة حماس.
ومدينتهم محاصرة، وبلدهم كلُّه محتلٌّ، ، وهذا غير مستغرب في الحقيقة، أقصد :مفهوم مسمَّى حزب الله للنصر، فالسِّلاح إيراني ( !! )
إنَّ المشروع الأمريكي الجديد ،و التوليفة الجديدة في المنطقة: إخوان في تركيا عملاء للناتو في دولة علمانيَّة، وآخرون يجهزون ليلعبوا دور النِّظام القديم، لكن تحت عباءة إسلاميَّة هذه المرَّة ،وبدلا من التَّأصيل للدَّور بالقوميَّة سيؤصَّل له الآن بــ ( الإسلاميَّة القرضاويَّة ).
لقد أصبحت القضيَّة كالتَّالي: لا يمكن الحفاظ على الحكم و البقاء فيه إلاَّ بخدمة المصالح الأمريكيَّة، وتحت فقه " المصالح والمفاسد " المنفلت من كلِّ ضابط شرعيٍّ سيصبح التَّوافق مع المصالح الأمريكية مصلحة شرعيَّة ( !! )
لكن هل يملكون سبيلا آخر للبقاء في الحكم ( ؟ )
لا أظنُّ ذلك في ظلِّ العداء السِّياسيِّ لهم المتنامي في كلِّ يوم.
ولعلَّ هذا ما سيجعل عمرهم في الحكم سيطول لمدَّة، وسيسمح لهم بالحرِّيَّة في إظهار نيبانهم ومخالبهم إلى أن تندلع الأمور من جديد، أو تكون المعارضة لهم شرسة،و الظَّاهر أنَّهم يسيرون في طريق استدعاء العسكر مرَّة أخرى.
ومعلوم أنَّه لا مانع لأمريكا من أن تحكم بالشَّريعة أو تكون إسلاميًّا، الَّذي يهمُّها أن تكون مواليا لها، خادما لسياستها، ترسل الأسلحة إلى المعارضين في سوريا،وتمنعها عن حماس وسائر الفصائل الفلسطينيَّة ( ؟! )
و المفارقة العجيبة: سلاح المقاومة إيرانيٌّ وهدنتها مصريَّة( ؟؟ )
نفس الرُّوح و العقيدة الَّتي جعلت النِّظام السَّابق يسقط: التَّمسك بالحكم، ولو على حساب الوطن و الدِّين و الأمَّة يعاد إنتاجه بعناوين أخرى يستغلِّون أميَّة شعب لا يهمُّه إلاَّ لقمة العيش،ولا فرق عنده بين هذا الدُّستور أو ذاك.
لقد بدأ الإخوان في مصر ومعهم من يحالفهم من السَّلفيِّين في هدم ما بنته الدَّعوة الإسلاميَّة، وظهر مرَّة أخرى أنَّهم لا يفقهون الواقع، فالواقع ليس ممارسة السِّياسة، ولكن اجتناب الكذب في الأعلام، وتزييف الحقائق،و التَّناقض بالتَّصريحات المتضاربة،وإخلاف الوعد،وسوء الخلق،و استعجال الدَّساتير،وتهريج الغوغاء( بغضِّ النَّظر عن موقف العلمانيِّين فإنَّ الدُّستور المصريَّ الإخوانَّي الجديد فيه مخالفات شرعيَّة عديدة وفادحة،ولا توجد فيه مادَّة واحدة إسلاميَّة حتَّى المادَّة المتعلِّقة بالشَّريعة دخلها العوار باعتبارها أساسية وليس كلِّيَّة، وتفسيرها قضى عليها بحيث قصَّرها على ما يشبه المعلوم من الدِّين بالضَّرورة عند العوامِّ ،أوعند العلماء :قطعي الثبوت و الدلالة،أمَّا بقية المواد فكلُّها مواد علمانيَّة إمَّا ناقصة ،وإمَّا مشتركة مع الإسلام سواء ما تعلَّق بسلطات الرئيس، أو السُّلطة القضائيَّة،أو النَّقابات، أو الصَّحافة و الإعلام، فليس في هذا الدُّستور إلاَّ الاستبداد المضادُّ لنظام الحكم الإسلاميِّ القائم على الشُّورى و المحاسبة ) ولكن نقل المسلمين من حال سيء إلى حال أحسن، ولو كان قريبا منه في السَّوء بلغة واضحة ونيَّة صادقة،وإرساء التَّقوى في سلوك الحاكم قبل المحكوم،فكم من حاكم بالشَّريعة مستبدٌّ، ظالم،سفَّاح آكل لأموال النَّاس بالباطل، فقوَّة الإسلاميِّ هي أخلاق الإسلام، وليس فنون السِّياسة الوضعيَّة.
ولئن أظهر السَّلفيُّون في مصر وعيا بوحدة القضيَّة بتحالفهم مع الإخوان فلابدَّ من أن يسألوا أنفسهم: لمَ عزلهم الإخوان عن كلِّ المناصب التَّنفيذيَّة في الدَّولة هل لسذاجة السَّلفيِّين،أم لصدق نواياهم( ؟! )
وما الَّذي حقَّقه السَّلفيُّون لأنفسهم ولمطالبهم غير أنهَّم في خدمة طموحات الإخوان في السُّلطة فحتَّى مطلب إدراج بند نظريٍّ عن الشَّريعة في الدُّستور سيبيعه الإخوان في صفقاتهم مع القوى السِّياسيَّة الأخرى، وقد فعلوا.
ومن له دراية بالقانون يعلم أنَّ المادَّة الثَّانية في الدُّستور القديم كافية لتطبيق الشَّريعة لأنَّ بيع الخمور، و الدعارة و المجون ترجع إلى قرارات إدارية فقط تعيد منع الرُّخص ،و الرِّبا بإلغاء المادَّة المتعلِّقة به في القانون المدنيِّ، وتطبيق الحدود بإصدار قوانين جزائية تتعلَّق به ؛وهذا أمر يملكه الرئيس الإخواني، أو مجلس الشُّورى، أو مجلس الشَّعب القادم فلمَ لا يفعلون ( ؟! )
ولن يفعلوا، إلاَّ في حدود حملة انتخابية استعراضية في أضيَّق المسائل،وهنا ستسقط النَّظرية القطبيَّة في عقمها لأنَّه سيخرج عليكم شيوخهم بحزمة من القواعد ( الجديدة المخترعة ) تفيد تعطيل الحدود، وتوفير ظروف ووسائل تطبيقها ( ؟! )
ولعلَّ جواب الرئيس مرسي أمام قصر الاتِّحاديَّة عن مفهوم الشَّريعة كان واضحا في غاية الوضوح لمن كان له قلب أو ألقى السَّمع وهو شهيد ( ؟! )
وليعلم القارئ أنَّ تطبيق الشَّريعة ليس مطلبا للإخوان لأنَّه يتعارض و أدبياتهم السِّياسيَّة ،و فقههم الدَّعويِّ في التَّمكين الَّذي يعتمد على اختراق السُّلطات ونشر الرِّجال للاستحواذ على السُّلطة، و إنَّما يسايرون السَّلفيِّين لحاجتهم إليهم في الظَّرف الراهن، وليحفظ السَّلفيُّون المتحزبِّون أسنانهم من السُّوس،ليعضُّوا بها على أيديهم بعد حين.
لقد ورَّط الإخوان أنفسهم في مستنقع سياسيٍّ صعب بسبب تعطشهم للسُّلطة،وولائهم لجماعتهم فقط وفقط، استقووا فيه بموقف أمريكا منهم ، وتحالفوا مع المؤسَّسة العسكريَّة الَّتي لها حسابات في استهلاك فرصتهم، بتوريطهم للتخلُّص منهم نهائيا ،كأنَّما لا يعرفون ( الإخوان ) الواقع المصريَّ لأنَّ سياستهم الحالية مع المعارضين لهم تنذر بانقلاب الجيش عليهم، أو بانشقاقه وثورانه على بعضه بعضا.
و الصُّورة الَّتي يعمل الإخوان وحلفاؤهم على ترسيخها في وعي المصريِّ من غير شعور منهم أنَّه أخطأ في الانتخاب عليهم، و في مطالبته باستبعاد العسكر الَّذين كانوا حاجزه الوحيد أمام الإسلاميِّين الَّذين ظهر أنَّهم أكثر استبدادا من العسكر ،ومن هنا سيستدعونه من جديد.
وبسبب أخطائهم المتكرِّرة بدأت شعبيتهم في التَّراجع فعلى السَّلفيِّين المتحزِّبين الفصل بين التَّحالف معهم على قضايا واضحة، وبين انتقادهم ومخالفة توجهاتهم الشَّخصيَّة، وإلاَّ فقل سلاما على المشروع السِّياسيِّ للأحزاب السَّلفيَّة، وربَّما قد فات الوقت.
ليرجع الإخوان و السَّلفيُّون المتحزِّبون إلى الواقع، وليراجعوا مشروعهم فالأهمّ الآن بناء الدَّولة ،وتحصين الوطن بردِّ الأمانات إلى أهلها ببسط العدل على الحياة الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة وكما قيل : أثبت العرش ثمَّ انقش.
إنَّ السَّعي الأعمى للاستحواذ على السُّلطة سيترك خلفه دمارا للأوطان لأنَّ الشُّعوب ( مصر مثلا ) لن تقبل به،وسيكتشف إخواننا عندئذ حقيقة وزنهم الفعلي لا الظَّرفي.
مصر اليوم صارت مخبرا تجريبيا بالنِّسبة لبقية البلدان العربيَّة، وما يحدث فيها أثَّر على أحزاب الإسلام السِّياسيِّ فيها بحيث صارت تتهاوى الواحد تلو الآخر، فلا التَّجربة السُّودانيَّة تستهوي الشُّعوب العربيَّة.
و التَّجربة في المغرب الأقصى لم تتخطَّ القنطرة، بل يكاد رصيدها يخلص أمام المشاكل الاجتماعيَّة و الاقتصاديَّة، ونفس الشَّيء للتَّجربة في الجزائر ـــ في إدارة المحليَّات ــ سخط عليهم الشَّعب سخطا واضحا.
ومع ذلك كان الإخوان في الجزائر أكثر حكمة وحنكة ومحافظة على وحدة البلد ومصالحه العليا من الإخوان في مصر.
وما يقوم به الإخوان و السَّلفيُّون الحزبيُّون في مصر الآن من حشد مفبرك مصطنع كشف حقيقة كتلتهم في المجتمع المصريِّ ( في مقابل90 مليونا فلو فرضنا بفعل الخيال المتطرف أنَّ تجمُعَهم ضمَّ مليونا من المتظاهرين بحسب المساحة الَّتي كانوا فيها[ستة في المتر المربع ضرب المساحة الإجمالية] ،وتخلَّف في بيوتهم أربعة ملايين فهذا مثل عدد الأقباط أو أقلَّ منه،ومثل عدد من صوَّت على شفيق فأين الغالبية (؟)
مع أنَّ الحشد جاء من سائر الأقاليم،كما أنَّهم يعلمون أنَّ نظام الحكم الإسلاميِّ يقوم على رأي أهل الشُّورى: النُّخبة المتنوعة وليس على العوامِّ فالإسلام يقوم على قوَّة الحقِّ في القضيَّة، وليس على حشد من هبَّ ودبَّ،
نعم،قد يتطلب الظَّرف مثل هذا الحشد لكن من غير يقسم البلد إلى إخوان و سلفيين متحزبين وسائر القوى الأخرى،لأنَّ المطلب إن لم يكن شعبيا فمآله الفشل ) لأنَّهم بدؤوا يفصلون أنفسهم عن بقية مكوِّنات المجتمع المصريِّ،وهذا سيجعلهم فريسة سهلة للعسكر ( المتحالفين معهم حاليا مكرا )،لأنَّ المرحلة الأولى من المخطَّط لإفشال تجربة المتحزِّبين الإسلاميِّين هي فصلهم عن بقية التِّيارات حتَّى لا يتعاطف معهم أحد، وقد حصل هذا بأيديهم، ممَّا يندر بأنَّ سقوطهم سيكون مدويا إن لم يجمعوا عموم الشَّعب حولهم.
و الحقيقة تقال قد أظهروا سذاجة سياسيًّة لا مثيل لها في التَّعاطي مع موضوع كتابة الدُّستور،و قد ارتكبوا عشرات الأخطاء الفادحة،وإذا ظنُّوا أنَّهم سيخلى لهم الجوُّ، ويتبعهم الشَّعب طويلا فالسَّذاجة مضاعفة،وصدق من حرَّم العمل السِّياسيَّ ــ الآن ـ على الجماعات الإسلاميَّة لأنَّها لا تقود إلاَّ إلى الدَّمار، و تمزيق البلدان،وسفك الدِّماء.
فعليهم أن يفيقوا من أكاذيبهم على أنفسهم الَّتي صاروا يصدِّقونها،فلا هم ،ولا سائر القوى السِّياسيَّة في المجتمع تملك أرضية واسعة في الشَّعب المصريِّ ( لأنَّ الشُّعوب الإسلاميَّة في عامَّتها غير مُسيَّسة ولا متحزِّبة ) الَّذي يراقب من بعيد الصِّراع على السُّلطة على حساب مصالحه، و الَّذي سيتكلَّم قريبا بإقصاء الطَّرفين ( ثورة الجياع أو استدعاء الجيش ).
لقد صار عادةً عند المتحزِّبين من الجماعات الإسلاميَّة أن يأخذوا الشَّيء عن غيرهم كما هو ويسمونه إسلاميًّا مع أنَّه لا علاقة له بالإسلام،ثمَّ تظهر أخطاء الممارسة و التَّخطيط ،وتُحسب على الإسلام، و الإسلام منها براء.
كنَّا نظنُّ أنَّ فيهم من عنده فهم، ورشد، وإدراك للمطبات و العراقيل، فظهر غير ذلك،قسمٌ يبحث عن السُّلطة فقط، وقسم عنده مطلب لا يدري أين وكيف يحقِّقه،فالمشروع غاية في الإجمال وإن كان له وجه مشرق: إحياء الشَّريعة في المجتمع و العيش في كنفها إن رفقها عدل وتقوى، ووجه مظلم: استبداد بالرَّأي في ظلِّ مكوِّنات المجتمع قد يقود إلى ما لا تحمد عقباه.
لعلَّ الله يبصِّرهم بالصَّواب ،ويدلهم على الطَّريق الأمثل قبل انحلال العقد، من خلال إعادة بناء جسر الثِّقة مع بقية المصريِّين،ونشر مناخ الاطمئنان و الاستقرار في بلدهم، و الصَّبر على المخالفين حتَّى يستقر البلد و ينهض من كبوته.
فبالعدل و الإحسان و الحوار العلميِّ نعامل شركاء الوطن، وإلاَّ لن يبق وطن لأحد.
أتمنى أن أكون على خطأ في هذا التحليل وأن يقود الإخوان وشركاؤهم مصر إلى العدالة و الازدهار في ظل الإسلام الصحيح.
نقول كلمتنا اليوم وإن يُغضب منها حتَّى لا نندم يوم يفوت حقُّ النَّدم فنغضب من أنفسنا.
أرزيو/ الجزائر،في 10محرم1434هـ
مختار الأخضر طيباوي
| |
|